-١-
منذ وقت قريب، توفي لاعب كمال أجسام أمريكي شهير اسمه جورج بيترسون، عن عمر ٣٧ سنة،
اللاعب وجد ميتا في غرفته في الفندق،
وهو يستعد للمشاركة في بطولة مستر أولمبيا،
التي تُعد أشهر مسابقة دولية للاعبي كمال الأجسام.
مات قبل البطولة بيومين فقط،
وحتى اللحظة لم يُعلن سبب الوفاة.
وفيات لاعبي كمال الأجسام في سن صغيرة أمر مشهورة وملفت للانتباه.
من أهم اللاعبين اللي ماتوا في سن صغيرة وفي ظروف غريبة وهم في أوج مجدهم:
– مايك ماتارازو (أمريكي) توفي وعمره ٤٨ عاما،
– دالاس مكارفر (أمريكي) توفي وعمره وعمره ٢٦ عاما،
– أندرياس مونزر (نمساوي) مات وعمره ٣١ عامت،
– أنتوني داريزو (أمريكي) توفي وعمره ٤٤ عاما،
– ناصر السنباطى (مصري) توفي وعمره ٤٧ عاما،
– جريج كوفاكس (كندي) توفي وعمره ٤٤ عاما.
وفيات اللاعبين في سن صغيرة جعل فريق طبي يقوم بإجراء دراسة موسعة على ١٥٧٨ لاعب من لاعبي كمال الأجسام، تنافسوا خلال الفترة من ١٩٤٨ إلى ٢٠١٤
الدراسة نشرت في المجلة الأمريكية لطب المسالك البولية American Journal of urology وتم نشرها عام ٢٠١٦،
حيث تم الحصول على بيانات كاملة لحوالي ٥٩٧ لاعب،
وتم الحصول على بيانات كاملة لحوالي ٥٨ حالة وفاة من هذه المجموعة،
وكان متوسط السن عند الوفاة حوالي ٤٧ سنة!
تمت مقارنة معدلات الوفيات بين لاعبي كمال الأجسام وبين معدلات الوفاة بين السكان المحليين لنفس الفئة العمرية،
الدراسة وجدت ارتفاع نسبة الوفاة بين لاعبي كمال الأجسام مقارنة بنظرائهم من السكان المحليين من نفس الفئة العمرية بنسبة ٣٤٪
بل إن معدل الوفاة بين اللاعبين في الفئة العمرية من ٤٥ إلى ٤٩سنة كان أعلى بمعدل ٣ أضعاف من الطبيعي.
رابط الدراسة:
https://www.auajournals.org/doi/10.1016/j.juro.2016.02.336
-٢-
دراسة علمية نشرها موقع pubmed عام ٢٠١٨
كانت تبحث في العلاقة بين اضطراب الأكل النفسي وبين اضطراب تشوه صورة الجسم عند عدد من لاعبي كمال الأجسام، وأجريت على ١٢٠ لاعب من لاعبي كمال الأجسام،
الدراسة خلصت إلى وجود علاقة إيجابية بين اضطراب صورة الجسم بين لاعبي كمال الأجسام،
وهو اضطراب نفسي يُشعر صاحبه دائما بعدم الرضا عن صورة جسمه،
ويدفعه دائما للتركيز بصورة مبالغ فيها مع جسمه أو الانشغال دائما بصورة الجسم.
الغريب أن بعض هذه العيوب قد لا يلاحظها الآخرين،
والأمر ده يدفعه لممارسة سلوكيات غير صحية في نظام الأكل،
ويدفعه للإضرار بنظامه الغذائي، مما يؤدي به لممارسة سلوكيات غير صحية تضر بتوازن الجسم وتضر بالقلب وبالجهاز الهضمي، كما تضر بعظام الجسم وحتى بصحة الأسنان لدى اللاعب.
رابط الدراسة:
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/30003837/
-٣-
برغم أن نتائج تشريح جثة اللاعب الأمريكي جورج بيترسون لم تظهر بعد،
إلا أن أغلب التوقعات تشير إلى استخدام مدّرات البول بكميات كبيرة قبل البطولات،
وذلك للتخلص من أي كمية مياه في الجسم،
ولإظهار العضلات بشكل أفضل، أو عمل Muscle Definition.
الأمر يصل ببعض اللاعبين إلى أنه يتوقف عن شرب الماء تماما قبل البطولة لمدة ٢٤ ساعة!
وعادة يسبب استخدام المدّرات بهذا الشكل إلى هبوط حاد في الدورة الدموية،
وعادة يكون هذا هو سبب الوفاة، خاصة قبيل البطولات.
إحدى الدراسات التي حذرت من استخدام المنشطات الرياضية قالت أن استخدام المنشطات الرياضية يدمر القلب والشرايين،
إذ يحدث نتيجة استخدام هذه المنشطات مشكلة في ضخ القلب للدم،
وأيضا يترتب عليها حدوث تصلب الشرايين!
حسب هذه الدراسة، فإن ما يقدّر بـ ٣ ملايين إلى ٤ ملايين أمريكي يستخدمون المنشطات الأندروجينية (التستوستيرون أو المشتقات الصناعية من هرمون التستوستيرون) للحصول على كتلة من العضلات الرياضية أو لتعزيز المظهر.
الدراسة أظهرت أن مثل هذا الاستخدام يمكن أن يؤدي إلى تضييق الشرايين التاجية وإضعاف وظيفة البطين الأيسر؛
ضيق الشرايين التاجية من ناحية،
وضعف البطين الأيسر من ناحية اخرى،
يمكن أن يقلل من كمية الدم المؤكسد الواصل إلى القلب،
وبالتالي يقل الدم المؤكسد من القلب إلى الشرايين.
وعادة ده بيكون أحد أكثر أسباب الوفاة.
رابط الدراسة:
“إدمان المنشطات الرياضية”
يُصنف إدمان المنشطات الرياضية في المراجع العلمية كأحد أنواع الإدمان.
المنشطات الرياضية، أو الـ Anabolic Steroids
هي عبارة عن مواد مُصنعة Synthetic لهرمون التستوستيرون، أو هرمون الذكورة،
كلمة anabolic معناها بناء العضلات،
وكلمة steroids معناها زيادة الصفات الجنسية الذكورية.
عادة ما يتم وصف هذه المواد واستخدامها تحت إشراف طبي كامل وبجرعات محددة جدا،
وفِي حالات طبية خاصة مثل تأخر البلوغ عند الذكور Delayed Puberty،
وفِي حالات مرضية تتسبب في ضمور أنسجة العضلات مثل حالات السرطان،
أو في حالة مرض نقص المناعة المكتسب المعروف بالإيدز.
لكن الكثير من الرياضيين يسيئون استخدام هذه المواد misuse
باستخدامها في تحسين المظهر أو الأداء العضلي.
أغلب الفئات العمرية من الذكور التي تسيء استخدام هذه المواد هي الفئة العمرية بين ٢٠ – ٣٠ سنة.
كيف تتم إساءة استخدام هذه المواد عند لاعبي كمال الأجسام؟
عادة ما يتم استخدام هذه المواد عن طريق الفم أو الحقن في العضلات أو عن طريق دهن الجلد بها،
عادة ما تكون هذه الاستخدامات أعلى بمعدل ١٠ – ١٠٠ مرة من الاستخدام المسموح به في الحالات الموصوفة طبيا!
أغلب الطرق التي يتم بها تعاطي هذه المواد:
– Cycling: أي أخد جرعات متعددة لفترة من الوقت، ثم التوقف لفترة أخرى، ثم إعادة أخذها مرة أخرى.
– Stacking: أي أخذ نوعين أو أكثر، مع الخلط بين طرق التعاطي، كأن يأخد بالفم مع الحقن مثلا.
– Pyramiding: أي زيادة الجرعة ببطء أو زيادة عدد مرات التعاطي، حتى يصل لأعلى جرعة ثم يقلل بالتدريج حتى يتوقف.
– Plateauing: أي بطريقة التداخل أو استبدال أو التناوب بين أخد المواد المختلفة تجنبا لحدوث تعود عليها Tolerance، والذي يعتبر سمة من سمات الإدمان.
طبعا اللاعبون يلجأون لهذه الطرق المختلفة تجنبا لحدوث أي ضرر بسبب هذه المواد (بمعنى أن اللاعب يعرف خطورة تعاطي أو حتى مجرد أخذ هذه المواد)، ورغم ذلك فلا يوجد دليل علمي على أن أي من هذه الطرق يمكنها تقليل الضرر الحاصل نتيجة تعاطي هذه المواد المنشطة.
كيف تؤثر المنشطات الرياضية على المخ؟
تتسبب في أعراض نفسية على المخ، أهمها:
– تسبب أحاسيس العظمة أو الـ Paranoia
بشكل متطرف وغير معقول
– تسبب هياج شديد وعدوانيةextreme irritability and aggression
وخصوصا العدوان اللفظي
– تسبب ضلالات Delusions
– تضعف الحكم على الأمور impaired judgment
– تسبب نوبات هوس Mania
بالإضافة لهذه الأعراض فإنها تعمل على زيادة حَبْ الشباب بشكل رهيب Severe acne
بالإضافة أنها تعمل على تضخم الجسم وخاصة اليدين والقدمين.
ما هي التأثيرات طويلة المدى للمنشطات Long term effects؟
– من الممكن أن تسبب مشاكل في الكلى تصل لدرجة الفشل الكلوي.
– تلف الكبد وأورام الكبد.
– تضخم القلب وزيادة ضغط الدم وتغيير في نسبة الكوليسترول في الدم.
كل هذا ممكن يسبب خطورة الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية، حتى بين صغار السن.
– زيادة احتمالية حدوث تجلط في الدم.
بالإضافة لهذه الأضرار، فإن هناك أضرارا مرتبطة بالجنس والعمر:
في الرجال:
– ضمور في الخصيتين.
– تقليل عدد الحيوانات المنوية.
– زيادة الصلع.
– تضخم الثديين.
– زيادة نسبة حدوث سرطان البروستاتا.
في السيدات:
لو السيدات من لاعبات رفع الأثقال أو أي من هذه الرياضات تعاطت منشطات،
ممكن يتسبب في:
– زيادة الشعر في كل الجسم.
– صغر حجم الثديين.
– الصلع.
– اضطراب أو حتى توقف الدورة الشهرية.
– تضخم الصوت.
في صغار السن والمراهقين:
– ممكن تؤدي إلى توقف في النمو stunted growth
– صغر القامة stunted height
هل المنشطات الرياضية تسبب الإدمان؟
عندما نقول أن المنشطات تسبب الإدمان،
فليس معنى الكلام أنها تعمل على مركز المكافأة Reward system فتزيد الدوبامين مثل باقي المخدرات،
ومن هنا تحدِث إحساس النشوة أو الـ high
لا…
المنشطات لا تعمل بهذه الطريقة،
ولكنها تتسبب في اضطراب تعاطي المواد المخدرة Substance use disorder شأنها شأن باقي المخدرات.
إصرار اللاعب على استمرار تعاطي هذه المواد بالرغم من حدوث عواقب وخيمة Negative consequences
مثل حدوث أضرار كبيرة على الجسم وعلى الصحة النفسية كما ذكرنا،
وإنفاق اللاعب مبالغ طائلة على شرائها،
وتأثيرها على علاقته بالآخرين،
فهذا يؤكد أن هذه المواد تتسبب في حدوث اضطراب تعاطي المخدرات أو Substance use disorder
شأنها شأن المواد المخدرة،
وأكبر مثال على ذلك هو حدوث أعراض انسحابWithdrawal Symptoms
من المواد المنشطة مثل باقي المواد.
أهم أعراض انسحاب المنشطات الرياضية:
– تعب وإجهاد.
– أرق.
– فقدان للشهية.
– انخفاض الرغبة الجنسية.
– اللهفة الشديدة لتعاطي السترويد.
– وأخطر ما تسببه هو الاكتئاب، الذي قد يصل لدرجة محاولة الانتحار .
لو أنت بتستخدم المنشطات الرياضية أو تعرف من يستخدمها،
وشايف أن هناك خطر من الاستمرار عليها،
ممكن تعمل إيه؟
أهم شيء أنك توقف؛
لابد من وقف استخدام هذه المواد،
وعند حدوث أعراض انسحاب يتم علاج أعراض الانسحاب،
بمضادات الاكتئاب ومسكنات الألم،
وربما يتم الاحتياج لأدوية أخرى تعمل على إعادة التوازن الطبيعي في نسبة الهرمونات في الجسم،
وعادة ما يتم الدمج بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي السلوكي،
لعدم العودة مرة أخرى.
أخيرا…
هناك اتفاقية دولية أعدتها اليونسكو
لمكافحة المنشطات الرياضية، ومصر عضوة فيها،
واستضافت منذ أيام اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات WADA
جاء في المادة ١١ من اتفاقية اليونيسكو:
مراقبة تعاطي المنشطات:
حيث تتعهد الدول الأعضاء بدعم أو تقديم برامج لإجراء الاختبارات على المنشطات،
وأن تضم أساليب عدم الإخطار المسبق وإجراء الاختبارات خارج إطار المسابقات وداخل إطار المسابقات.
كما جاء في المادة ١٠ من الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات:
التحذير من استخدام المكملات الغذائية،
وذكرت المادة أن هناك غشًّا تجاريا كبيرا في استخدام المكملات الغذائية،
وأنه يتم خلطها بمواد أخرى ومنها الاسترويدات،
وأنها عادة ما تكون ملوثة أو تحتوي على مواد محظورة في محاولة مقصودة للتحايل على التشريعات الخاصة بالأغذية أو الأدوية،
وقد أظهر عدد من الدراسات أن المكملات الشائعة المتوافرة في عدد من البلدان تحتوي على مواد ممنوعة منها المنبهات والهرمونات والبروهرمونات مثل Testosterone و Nandrolone.
وبالنظر إلى الانتشار الكبير لتناول المكملات بين اللاعبين،
وبصرف النظر عن المسائل المتعلقة بسلامة هذه المنتجات وفعاليتها،
فإن استخدام اللاعبين لها يشكل مخاطر كبيرة على مستقبلهم المهني؛
لأن تناول مكملات ملوثة قد يؤدي إلى الإيقاف لمدة عامين.