سؤال يتكرر في جوانب تفكيري حين سمعت قصة مراهق خرج من بيته لايعلم أهله بمكانه وخرج وهو في أضعف وأسوأ حالاته.
تبدأ القصة عندما لاحظت الأم تأخيره في الصعود لشقتهم رغم دخوله من باب العمارة وتكتشف أنه يدخل لجار لهم يعتدي عليه ويمارس معه الشذوذ الجنسي.
ومن هنا تبدأ المعاناة التي تنتهي بخروج غير معلوم مكانه. واستمرت المأساة بمحاولات فاشلة من الأسرة للرجوع لنقطة الصفر والمحاولات تتلخص في الضرب المبرح والحبس والحرق. لا أستطيع أن أمنع خيالي من تصور اللحظة التي فتح فيها هذا الجار بابه لينادي على الطفل في الصف الثالث الإعدادي أول مرة وكم كانت لحظه فارقة في تاريخ الطفل وكم أن الأهل وأي أهل يحاربون كي لا يمر أطفالهم بتلك اللحظات، وكم كان حظ الأهل سيئاً بالسكن بجوار هذا الجار ومدى مسؤوليتنا في منع تلك الصدفة المميتة. ثم اكتشفت أننا وأي أهل لا يستطيع بكل ما أوتي من وسائل رقابة وتحليل وحتى الجلوس بجانب طفلهم طوال اليوم منع حادثة كهذه
أو تلاشيها تماما… لكننا مسؤولون عن العلاقة…
ثم تخيلت لو تعرض هذا الطفل لهذا الاعتداء وصارح أهله على الفور دون أي خوف وتم التعامل مع هذه الحادثة برحمة ورفق وقبول كم كان هذا سيجعل الطفل آمنا ولن يدفع حياته ثمنا لفتحة باب جاره المؤذي.
العلاقة هي مسؤوليتنا التي سنسأل عنها…
هي ما فطرنا لفعلها بدون مجهود…
هي السور الحامي لأولادنا…
هي ما يجب وضعها أولوية فوق أي أولوية…
فلن تحميه شهادته وتفوقه، ولن يحميه جلوسك بجانبه وحمايته بنفسك طوال حياته، كما لن يحميه رصيد بالبنك أو بيت ملك. ستحميه علاقتك به حتى بعد مماتك لأنك ببساطة ستترك له صورة ذهنية يستطيع أن يتواصل معها وستترك له نموذج علاقة صحية يستطيع بها أن يكرره مع أي مخلوق آخر.
العلاقة ليست لها تخطيط وخطوات…
إنها ببساطة أن تصبحان صديقين مقربين،
وتتبع معه نفس ما تتبعه مع أصدقائك المقربين، من حوار واحترام متبادل ورفق وقبول… العلاقة هي ما نبنيه في صغرهم لنحصده لاحقاً.
د. فاطمة نبيل
طبيب نفسي أخصائي